صحتُنا في طعامنا..

أكسجين || رأي الكاتب الصحفي مفتاح المصباحي
جاء في الأثر، أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام، عندما أهدى إليه “مقوقس” مصر بجاريةٍ وطبيب، قال:- “…. أما الطبيب فلا حاجة لنا به، فنحن قومٌ لا نأكلُ حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع…”..
ومن هنا، وكما يُقال فإن المعدة هي بيت الداء، وما يتناوله الإنسان من غذاء، يكون أساساً في صحته أو مرضه..
ومع التطور الصناعي الذي شهده العالم في القرنين الآخيرين، ساد النمط الاستهلاكي في حياة أغلب الشعوب، وصار الاتجاه قوياً نحو استهلاك الغذاء المُصنّع الجاهز، بما يحتويه من مركبات كيماوية للمحافظة على طعمه ونكهته ولونه لفترات طويلة..
وأصبح إنسان العصر الحديث يُعاني أمراضاً لم يعرفها أسلافه في العصور الماضية، وذلك كله بسبب ما يتعرض له غذاءه من معالجات كيماوية، سواء في مرحة الزراعة أو الصناعة..
وعندما جعل الله غذاء الإنسان كالخضروات والفواكه، في مواسم مختلفة، فذلك لحكمة ربانية يعلمها الله، تعود بالفائدة على الإنسان، إلا أن الإنسان غيّر ذلك، فأصبحت خضروات وفواكه الصيف، تزرع وتؤكل في الشتاء، سواء بالتخزين، أو بالمعالجات الزراعية..
مايقودنا إلى هذا الحديث، هي الأرقام المُرعبة للمصابين بالأورام داخل بلادنا، وتزايدها كل يوم، في مختلف أنواع الأورام ولكل الفئات العمرية، دون وجود دراسات وأبحاث، تحاول كشف الأسباب، وتبحث عن سبل الوقاية والعلاج..
فشركات الخدمات الزراعية تقوم باستيراد الأدوية والمبيدات ومحسنات الإنتاج من كل أصقاع الأرض، دون النظر إلى أثرها على صحة الإنسان، سواء في المدى القريب أو البعيد..
والقطاع الزراعي في البلاد تسيطر عليه العمالة الوافدة، التي لا همَّ لها إلا الكسب السريع، من خلال زيادة الإنتاج وتحسينه عن طريق الأدوية والأسمدة وغير ذلك من مركبات كيماوية، تؤثر على صحة الإنسان، في غياب كامل لدور وزارة الزراعة والثروة الحيوانية، في الإشراف والمتابعة والرقابة، وخير مثال لذلك يتضح في إنتاج محصول “البطاطا”، وكذلك أثناء موسم عيد الأضحى من خلال الهرمونات التي تُحقن بها المواشي..
إن الابتعاد عن مكونات الغذاء الطبيعي، والاتجاه إلى الأغذية المُصنّعة والمعلبات، والأكل خارج المنزل، السبب الرئيس لانتشار كثير من الأمراض، خاصة مع ضعف الرقابة على المنتوجات الغذائية في زراعتها وتصنيعها، ليبقى المواطن هو الضحية دائماً، يدفع ثمن ذلك من صحته وماله..
التربية الغذائية أساسها الأسرة، وما تنشيء عليه أفرادها في تناولهم لطعامهم، فما يُعد في البيت أفضل وآمن ألف مرة مما يتم تناوله جاهزاً خارج البيت..
وثقافتنا الغذائية نحن الليبيين، زاخرة بأنواع كثيرة، فيها من الصحة واللذة ما يغنينا عمَّا نستورده من غذاء، لا نعرف أصله ولا مكوناته ولا صلاحيته، فقط ما نحتاجه هو الوعي، والعودة إلى الطبيعة..