غياب تدابير السلامة في المؤسسات العامة: خطر يهدد الأرواح في ليبيا

#أكسجين || رأي الصحفية تقوى البوسيفي
في خضم الحياة اليومية بالمؤسسات العامة في ليبيا، تتكشف فجوة خطيرة تعكس غياب تدابير السلامة الأساسية، التي من المفترض أن تكون حجر الزاوية لأي مكان يستقبل الأفراد، سواء كانوا طلابًا في المدارس أو موظفين في المؤسسات الحكومية. هذه الفجوة تهدد الأرواح وتكشف ضعف التخطيط والبنية التحتية.
المشهد يتكرر في معظم المؤسسات: لا مطافئ حريق جاهزة، ولا طاقم مؤهل للتعامل مع الحوادث الطارئة. في المدارس، حيث يُفترض أن يكون الأطفال محاطين بأقصى درجات الأمان، نجد أن أدنى حالات الطوارئ قد تتحول إلى كوارث بسبب غياب أبسط أدوات الإسعافات الأولية. ماذا لو شب حريق في مدرسة تفتقر إلى مطفأة حريق؟ ما مصير الطلاب والمعلمين في غياب خطط الإخلاء أو التدريب على التعامل مع الحرائق؟
هذا الإهمال يمتد أيضًا إلى نقص الكوادر الطبية أو وجود سيارات إسعاف قريبة. عندما يسقط طالب أثناء اللعب، أو يمرض موظف فجأة في مكان عمله، تصبح الحياة معلقة بانتظار تدخل قد يتأخر كثيرًا. غياب الممرضين المؤهلين أو نقاط الإسعافات الأولية في هذه الأماكن يعكس إهمالًا يرقى إلى مستوى الخطر العام.
الأمر لا يتوقف على المعدات أو الكوادر فقط، بل يشمل غياب الثقافة التوعوية. الأطفال في المدارس، على سبيل المثال، لا يُدربون على كيفية التصرف في حالات الطوارئ. لا توجد تدريبات على الإخلاء، ولا حتى ورش توعية تُعلمهم كيفية استخدام مطفأة الحريق أو التصرف عند وقوع حادث.
وهنا، يكمن الحل في اتخاذ خطوات عملية لتحسين الوضع. يجب على الجهات المختصة تنفيذ برامج تدريبية شاملة، تشمل ورش عمل مخصصة للمعلمين والموظفين في القطاع العام، لتأهيلهم للتعامل مع الحوادث الطارئة والحرائق. هذه الورش يمكن أن تقدمها جهات متخصصة في السلامة العامة بالتعاون مع الدفاع المدني والهلال الأحمر.
إضافة إلى ذلك، يجب أن تصبح الإسعافات الأولية جزءًا أساسيًا من المناهج الدراسية في المراحل التعليمية الأولى. تعليم الأطفال كيفية تقديم المساعدة الأساسية في حالات الطوارئ ليس مجرد مهارة، بل هو استثمار في بناء مجتمع واعٍ ومسؤول.
المؤسسات العامة ليست مجرد مبانٍ حكومية، بل هي بيئة تجمع فئات مختلفة من المجتمع. وبالتالي، فإن توفير السلامة داخلها لا يمكن اعتباره رفاهية، بل ضرورة ملحة تتطلب اهتمامًا جادًا واستراتيجيات واضحة.
إن إدخال هذه التدابير ليس خيارًا، بل واجب يعكس احترام الدولة لحياة مواطنيها. فغياب السلامة في المؤسسات العامة ليس مجرد تقصير إداري، بل هو خطر حقيقي يهدد أرواح الأبرياء كل يوم. هل ننتظر وقوع المزيد من الكوارث لنبدأ التحرك؟ أم نبدأ الآن ببناء نظام سلامة يليق بإنسانيتنا؟
#أكسجين